حجرة خانقة


 رائحةٌ عفنة أعتاد الجميع على استنشاقها دون أن يتفوه أحدٌ منهم بشيء، تفوح في الأرجاء بلونٍ أميزه بوضوح، أحاول أن أُسدّ فتحتيّ أنفي عندما تعبر بجواري ولكنني آخذُ نصيبي من استنشاقها أحيانًا.

رائحة كلفتني طاقتي ووقتي وجهدي، أرخت دفاعاتي وخدّرت أطرافي، ستقتلني حتمًا ولكن متى؟ ذلك مالا أعلمه، وذلك ما أخشاهُ في الآنِ ذاته.

في تلك الحجرة الخانقة بدأ رأسي بالارتطام بسقفها أحاول تجاهل الارتطام مراتٍ عدة ولكن رأسي يؤلمني! وفقرات ظهري بدأت كقوسٍ لمحاربٍ فقد يده التي كان يشدّ أوتار قوسه بها، بجانب رائحتها العفنة أصبح سقفها يؤلمني، أكادُ أصرخ بصوتٍ يشقّ حنجرتي بـ"كفى! اللعنة على كل شي سأرحل الآن" ولكنني لا أعلم هل أنا أفتقدُ الجرأة لاتخاذ القرار، أم أنني أخشى الخروج من تلك الحجرة لمساحاتٍ ضخمة فارغة أتوه فيها دون معنى.

بدأ القناع ينزلقُ من وجهي. شيئًا فشيئًا لم أعد أستطع التحمل أكثر، ولكنني مجبرةٌ على السعيّ، حتى وإن طأطأتُ رأسي نحو ذلك السائلُ  الأحمر الرطب الذي لطّخ يدي وأنا ممسكة بقلمي بشدّة خوفًا من أن يفرّ منها وأن لا يعود مجددًا إليها، مالذي يدفعك لتحمل هذا البأسِ يا غسق؟ 

أخشى أن تتلوث رئتيّ من تلك الرائحة وأخشى أن يعتاد رأسي على الارتطام يومًا فيوم حتى تجرّني الأيام لتقوّس ظهري

إنني أختنق وأخشى أن يستمر هذا الاختناق وقتًا طويلًا حتى أفقد حقيقة وجود الهواء النقيّ، أرغب في حجرةٍ أوسع وذات رائحةٍ عطرة أتنفس فيها بحريّة، حجرةٌ ذات سقف طويل أرفع رأسي لأنظر نحوه ولكن لا تسعفني عيناي لشدة طوله، سقفٌ لا يؤلمني رأسي لارتطامي به، أريد أن أتنفس هواءً نقيّ بعيدةً عن تلك الحجرة العفنة.

تعليقات