من معادٍ لمُحب

 استيقظتُ ظهرًا اليوم، ورسائل الطقس التي تأتي في الصندوق الأخضر في هاتفي تُشير بأن حالةً مطرية كثيفة ستُصيب المنطقة، ومالبثتُ ساعةً احادث فيها ذلك المتجر الذي تأخر في توصيل طلبي، حتى سمعت دويّ الرعد الذي اثار شعورًا رائعًا في داخلي، تساقطت قطرات المطر على راحة يديّ وأنا اتأملها وسط صوت تساقط القطرات ودويّ الرعد، دعوتُ الله حينها أن يصبحّ كل شيء قادم على مايرام، مضت الساعات ومازلتُ استمعُ لدويّ الرعد من حولي، حتى بعد الافطار بوقتٍ قليل تساقطت الثلوج بلورية الشكل بعنفٍ وصوتٍ صارخ، أصبح بيتنا في حالة فوضوية ولكن تلك الفوضى المحببة لقلبي.

تساقطت الثلوج قبل أعوام ماضية وأنا طفلةٌ صغيرة في بيتنا القديم، اجتاحني الرعبُ الشديد جرّاء الصوت المرتفع وتلك الحجارة التي تسقطُ من السماء، عدوتُ خائفةً نحو غرفة والدي وارتميت في حضنه أرتجف كطائرٍ يشعرُ بالتهديد من مفترس، بدأ بقراءة المعوذات ونفثها على رأسي، خرجت من تلك الذكرى وأنا أقف بأعوامي الخمسةُ والعشرون بجانب أبي، لم أعد خائفة أقف وأنا انظر نحو ذلك الثلج المتساقط وأبتسم، شعرتُ حينها بشعورٍ عزمت أن اكتبه في تدوينتي هذه.

حسنًا بعيدًا عن الطقس ومشاعري تجاهه وبعيدًا عن كل شيء، دعوني أخبركم سرًا أو معلومة أو حاولوا تصنيفها كما تشائون، لعدة أعوام كان العدو عندما يتحول لمحبّ يأسرُ عقلي تمامًا، ويشعرني بالنشوة الغامرة التي لا تتوقف حتى بعد انتهائي من رؤية المشهد أو حتى قراءته، وبالرغم من كثرة رؤيتي واستماعي وقراءتي لهذا التصنيف، لم أسأم منه مطلقًا، إنه يحمل شعورًا لا يوصف، كشعور العواصف والنيران عندما تخمد، تخلّف ورائها كوارث ولكن على الرغم منها تَبزغُ زهرةً ساحرة خرجت من رحم الكارثة، تبدو لي في غاية الروعة، حتى وإنني كتبتُ روايتي الأولى وكانت تتحدث عن الشخصية الرئيسية التي تتقاطع طرقها مع رجلٍ نصبها عدوةً له، كتبت حواراتٍ تتسمُ بالعداوة والمُقت الشديد بينهما، ولكنها في الآن ذاته تحمل شعورًا مختلفًا وكأنها تغلّف المشاعر المدفونة التي يشعرُ بها كلاهما، في الفصول الأخيرة من الرواية أصبحت مشاعرُ الرجل مفضوحة بشدة، وبات الأمر أكثر خفقانًا للقلبّ، لدرجة أنني استمتعُ بشدة عند كتابتي لأحاديثه، يبدو طريفًا وجذابًا عندما يُضمر مشاعره وسط كلماته.

سأبقى دائمًا افضلُ هذا النوع من المشاعر، لأن من وجهة نظري أن الحب يكون ممتعًا عندما يشبه الأفعوانية.

تعليقات