العاطفة المُخزية


مرضٌ خبيث ينهشُ بالروح كما ينهشُ اليأس، مخزيّ لدرجةِ أنه لا أحد يعترف به، مخزيّ لدرجة كونه وصم صاحبهُ بوصمةِ عارٍ لا تنمحي، يصبح ما باليد كالرماد المتناثر ويدهشك رؤية النار المشتعلة بيد من هو بجانبك ، على الرغم من كون يديك كانت تحملُ نارًا مشتعلة ولكن لأنك تحملُ تلك العاطفة المخزية ، تحولت النيران لرمادٍ يتيم.

منذ طفولتي أحاول مقاومة ذلك الشعور المخزي الذي أحاول جاهدةً أن لا أذكره بإسمه الصريح حتى لا أعترفُ بوجوده بداخلي، أشعرُ بأنني لا أرى ما بيديّ، دائمًا ما تنزلقُ عيناي نحو مايحملهُ الآخرون، كنت طفلةً جريئة ذكيّة واجتماعية ومحبوبة أيضًا ، أحبُ المنافسات بشدّة ولكنني أشعر بسهولةِ بفقدان الحماسة من ماهو بيديّ، وأعاود النظر نحو مايحمله أقراني، أسعى دائمًا لجذب الانتباه حولي، إنني مدركة نوعًا ما بأن تلك علّةٌ نفسية ولكن لأنني طفلة لم أكن مدركة لأي شيء سوى أن أكون الأفضل والأجمل والفتاة المميزة في صفّي.

انتهت مرحلة الطفولة.. ومازالت تلك الصفات تنمو كنمو جسدي، وأصبح ذلك الشعور أكثر جسارة، لم يعد يختبئ خلف بقية المشاعر خائفًا ومترددًا وخجلًا ، أصبح يقفُ وهو يُشيرُ ب اصبعه بقوّة.

"انظري نحوه، يملكُ سيارة فارهة، يعيش حياةً مزدهرة، يبدو أنه يعيش حياة مرفهة، يملك معارف كثيرة، سافر لعدة دول ، في مجاله؟ يبدو ناجحًا، انظري نحوه هل لديكِ نصفُ مايملك؟"

يصرخ بصوتٍ عالٍ في رأسي ويدقّ كناقوسٍ أسودٍ متوهجٍ بالأحمر ، لماذا يجب عليّ أن اقارن نفسي به؟ أرجوك أخبرني لماذا بالأصل اضعهُ في محلّ مقارنة؟ حينها يتوقف ذلك الصوت، ولا أجد أجوبة، فقط شعورٌ بائس وحزينٌ بشدة.

حينها يعود مجددًا ويبدأ بمقارناتٍ لا داعي لها، وأشعرُ بأنني ينقصُني شيءٌ ما ، حتى وإن كان في حقيقة الأمر لا ينقصني شيء الّا أنه يبسطُ هيمنته عليّ ويشعرني بالعجز واهتزازٍ بالثقة أحاول أن لا أعترف به، لكن لماذا يفعلُ ذلك بي؟ هل سمحتُ له بذلك؟ أم تعاظم بداخلي دون إدراكٍ مني؟ أملك جانبٌ جشعٌ للحياة ، أشعرُ بأنني أود أن استولي على كل شيء أن أصل لأعلى شيء، ولكن حينها أخبر نفسي لماذا ياغسق؟ لماذا تفعلين ذلك بنفسك؟ كنت دائمًا أرددُ بأنني اشتعلُ طموحًا وأعتقدُ بأن الطموح بدأ يحُرقني حقيقةً، بدت علاماتُ الإحمرار وانسلاخٌ طفيف بجلدي، لماذا؟ لأنني سمحتُ لذلك الشعور بالسيطرة بشكلٍ جزئي عليّ، لدرجة أنني لم أعد أدرك نقاط قوتي أو حتى ماتتميز به حياتي، لأن عيناي تنظر نحو من همّ أعلى مني مَنزلة ومنصب ومستوى ماديّ، إنه شعورٌ مرهق يستنزفُ طاقتي وأدركُ ذلك، وأحاول جاهدةً أن أتخلص من ذلك المرضُ البغيض، سأحاول تحويل طاقة ذلك الشعورُ القوية نحو شيءٍ يعود لي بالنفع ، فطاقته قوية تحرقُ من حوله من المشاعر حقًا، لذلك يجب عليّ في مطلع السنة الميلادية القادمة أن أضع نَصبَ عينيّ أن أحوّل هذا الشعور لدافعٍ لي للمضي قُدمًا نحو الأمام، وأن لا أسمح له بتدمير حياتي، أن أدرك مالديّ وأسعى نحو تكملة النواقص ب اعتدال ، أرجو أن تنقذ غسق نفسها من هيمنةِ ذلك الشعور، وأن يتوقف عن احراقي.

وداعًا..

تعليقات