غسق في نهاية الممر


انتهى شهر أغسطس المحملّ بالتغييرات الكبيرة والبدايات الجديدة ، انتهى بصباحاته المشمسة ذات الحرارة العالية.

وأقبل علينا شهر سبتمبر الرائع، بنسيم ليله البارد وسكون لحظاته ، أحب سبتمبر وإن صح التعبير للتو أدركتُ ذلك، لسنواتٍ طويلة كنت أفضل شهر ديسمبر البارد -بغض النظر عن كونه شهر ميلادي- أحب قساوة طقسه البارد وشعور التأهب للبدايات الجديدة والأهداف الجديدة وتأنيب النفس عن تلك الأهداف التي لم تتحقق والاحتفال بالمسرّات والإنجازات الصغيرة والكبيرة.

على العموم هل رأيتم عنوان التدوينة يا أصدقائي القرّاء الأعزاء؟ حتى وإن لم يكن منكم واحدًا يقرأ الآن

 -لكوني أشعر بأن لا احد حقًا يقرأ مايكتب في المدونة ولكنني أكتب كشيء من تقيء مشاعري وأحداثي ومعاركي الصغيرة- 

حسنًا سأقوم بتصحيحها الآن، هل رأيت عنوانُ التدوينة يا قارئي العزيز؟ لم أكن أقصدُ فيها نفسي -إنه مضحك نوعًا ما-

كنت أقصد بها الغسق الحقيقي ، خرجت من عملي منهكة نوعًا ما من كم الأعمال الهائل وأشعرُ بالصداع قليلًا ومعدتي تقرقرُ جوعًا وأفكر بما قد ستكون والدتي قد طهت لوجبة الغداء، صدح صوت آذان المغرب وأنا أحط بخطواتي بهدوء في ذلك الممر الطويل بإضاءاتٍ صفراء ومكاتب مقفلة -أغلبها خالية من البشر- احاول أن ابطئ من وتيرة خطواتي، واستشعر اللحظة، وقتي المفضل بغروب الشمس ، إضاءات صفراء صوت صفير خطواتي بحذائي الجديد، وعلى ذكره كان حذائي السابق يصدر صوتًا عاليًا ومزعجًا للغاية ولذلك عندما اشتريت الجديد تمنيت أن لا يصدر أصواتًا وبالفعل لم يصدر، وتمنيت أيضًا أن يأخذني لأماكن مذهلة، إنها أمنية سرقتها من الثقافة التايلندية، فعندما يبدأ شخصٌ ما بداية جديدة تهدى إليه أحذية وتزف إليه أمنية «آمل أن تأخذك تلك الأحذية لأماكن مذهلة وبرّاقة» نعود مجددًا نحو الممر ، انتصفت الطريق واقتربت من باب الخروج الذي يوجهني نحو المصعد الصغير ولكني التفت للوراء لوهلة، ورأيت ممرًا ممتدًا باللون الأزرق كالغسق، رفعت هاتفي والتقطت الصورة وتأملته لثوانٍ في نهاية الممر يوجد باب زجاجي، كان هناك إنعكاس ولكنني لم استطع رؤيته جيدًا بسبب نظري الضعيف مؤخرًا ، ولكن خيوط الغسق منسدلة من النوافذ المعلقة بالسقف على منتصف الممر في منظرٍ شاعريّ مذهل، ويبدو في الآن ذاته كمشهدٍ سينمائي لفيلم تصنيفه رعب لا أعلم ولكنه مذهل حقًا، صعدت للسيارة وبدأ الظلام في ازدياد لغروب قرص الشمس في السماء وفتحت ملاحظات هاتفي ودوّنت بها «غسق في نهاية الممر»

تعليقات