في البداية كان الأمرُ ممتعًا باللعب بتلك الأحجار ذات اللونين الأسود والأبيض التي توضع فوق قطعة قماشٍ مقسّم، كنت ابتكرُ استراتيجيات مذهلة لأجل الفوز -ولأنني امقتُ الخسارة- ظللت ألعب تلك اللعبة معه لوقتٍ طويل.
يملك والدي شخصية غامضة جدًا، ومحدودية في طريقته للتعبير عن مشاعره، اشعرُ وأنه في عالمٍ موازي لابد أن يكون صخرة. ذلك مضحك قليلًا، كنت في مراهقتي اشعرُ تجاهه بالغضب الشديد، كطبيعةِ أي مراهق لا يفهم من الحياة شيئًا، وكنت اتساءل دائمًا مابالُ تلك الشخصية الباردة الغامضة، هل والدي يحبني حقًا؟ كنت اجلس بجانبه واشعر بأن بيننا حصون وقصور مسافة بعيدة جدًا على قربه مني.. مضت أيام المراهقة، وكبرت بالعمر قليلًا لإدرك شيئًا فشيئًا طبيعة شخصيته، لطيفًا جدًا من الداخل ولطبيعة قساوة نشأته، جعل ذلك منه شخصًا يصعب عليه التعبير، فقط تزوج بوالدتي في عمرٍ صغير جدًا واغترب لمدينةٍ اخرى تبعد ساعاتٍ عن عائلته، وحمل مسؤولية عائلتة وتحمل قساوة جدي معه لكونه الأبن الأكبر..
على العموم نعود لقصة اللعبة، بآت يُمتعه أن ألعب معه، وبدأت أفقد طاقة اللعب، ولكن في كل مرة يسألني بصوته الثابت «احضري قطعة القماش والأحجار وهيا لنلعب!» لا استطيع رفضه لأن فكرة تخبرني بأن لو رفضت اللعب في هذه اللحظة وبدآ المللُ على وجهي، سأندم كثيرًا إن وافته المنية -بعد عمرٍ طويل بإذن الله- لتفويتي هذه الفرصة، لذلك اقف، وأحضر اللعبة، ونشرعُ باللعب.
تعليقات
إرسال تعليق